الكاتب : محمد عمر الشيخ 📝
𝕏 🅾
أكثر ما يتمناه الإنسان المبدع أن يتحول شغفه من مجرد ممارسة إلى وظيفة ومهنة، تُدرّ له دخلًا، فيجتمع له ما يجعله لا يحسب حسابًا لمشقة العمل ولا لوقتِه، وذلك ما نرَاه جليًّا لدى لاعبي كرة القدم مثلًا والمغنّين والممثلين وغيرِهم، ممن يروون قصص تضحياتهم الكبيرة التي دائمًا ما يربطونها بإمتاع الجمهور وإسعادهم، وأن ذلك يكفيهم عن أي مردود أو مقابل مادّي.
فكيف إذا ارتبط شعور ذلك المبدع بفئات مختلفة، ومواسم عظيمة، وأماكن وأزمنة مقدسة؟!
منذ عشر سنوات تقريبًا وثّقتُ عقدًا مع نفسي أن أسخّر إمكاناتي في الكتابة ومهاراتي في الإعلام لتوثيق رحلة ضيوف الرحمن في مكة المكرمة ورصد مشاعرهم تجاه الخدمات المقدمة لهم من مختلف الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية، وشاركت في رواية مئات القصص والمواقف الإنسانية التي سطّرها العاملون مع الحجاج والمعتمرين، منها ما نُشر في وسائل الإعلام الصحفية والإذاعية والتلفزيونية، ومنها ما كان محتوىً إبداعيًا تم بثه في العالم الرقمي بمختلف منصّاته وأشكالِه، ومنها ما كتبته على شكل قصائد ونصوص شِعرية، ومعارض وقوالب متعددة ومتنوعة.
وجدتُ في هذا الحقل مِساحة تجتمع فيها القدرة الإبداعية باللحظة الوجودية، وتختلط فيها المشاعر الإنسانية بالمشاهد الإيمانية، وتظهر فيها قيم النخوة والشهامة والضيافة والعطاء، في مواقف تتمنى لو تقف معها المجراتُ عن دورانها، وعقارب الساعةِ عن سيرِها، لتخلّد صورة الإنسان وهو يسير إلى الله متجردًا من كل شيء، يلبس البياض ويفترش الأرض ويلتحف السماء، تركَ خلفَه كل شيء ليجد هنا بجوار بيت الله أعظم شيء، وأنفَس شيء، وأثمَن شيء، هو العتق من الدنيا، والوصول إلى ميلاد جديد يدخلُ إلى الجنة.
كثيرةٌ هي كتب الأدب والمذكرات التي وثّقت الرحلات إلى الحج من كلّ مكان، وكتبت عن مشاعر الحجيج ومواقفهم ومشاهداتهم، وشدهة نظرتهم الأولى للكعبة المشرفة، ولحظة وقوفهم المهيب على جبل عرفات، ويومياتهم مع من يخدمونهم من أبناء مكة وما حولها، وما دونوه في ذاكرتِهم تجاه هذه الرحلة، وحملوه معهم إلى بلدانِهم، تتكرر المشاهد اليوم بل إنها لم تنقطع منذ نداء إبراهيم عليه السلام، لكنها اليوم بلغت أوجها في ظل العطاءات الكبيرة والجهود العظيمة والمشاريع العملاقة التي تقدمها المملكة العربية السعودية لضيوف الرحمن، حيث تحملهم طوال العام على أكف الرعاية، وتهيئ لهم أماكن المناسك بأرقى عناية، وتبذل الغالي والنفيس في إثراء تجربتهم وتعميق رحلتهم في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ومسؤولية السكنى والجوار أولًا، والملَكة الإبداعية ثانيًا، تحتّم على كل ذي قلَم مُلهَم أن يوثّق ما يقدمه هذا البلد الزاهر، في عصره الزاخر، لكل حاج ومعتمرٍ وزائرْ، ويكتبَ بمداد من نور مشاعر ضيوف الرحمن عن كل ما يقدمُ لهم، فهي أصدق رسالة وأبلغ بيان عن صدق عطاء قادة هذه البلاد تجاه ما شرّفهم الله به من خدمة أكرم الضيوف في أعظم الأماكن وأقدس الأزمان، وهي شواهد سيحفظها التاريخ في أنصَع صفحاته، وترويها ذاكرة المكان إلى أبد الآباد، وهنيئًا لكل من كان له نصيبٌ من هذا الشرَف الذي لا يُضاهيه شرَف، ولا توازيه أيّ مزيّة.
اقرأ مقالات آخرى
دليل السفر إلى مكة لأداء الحج
عنوان فرعي يشهد قطاع الحج تحولاً جذرياً نحو الرقمنة في إطار رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين تجربة الحجاج وتسهيل رحلتهم من خلال تبني…
التجهيزات اللازمة للحج
عنوان فرعي يشهد قطاع الحج تحولاً جذرياً نحو الرقمنة في إطار رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين تجربة الحجاج وتسهيل رحلتهم من خلال تبني…
متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟
عنوان فرعي يشهد قطاع الحج تحولاً جذرياً نحو الرقمنة في إطار رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين تجربة الحجاج وتسهيل رحلتهم من خلال تبني…
فوائد الحج الروحية والجسدية
عنوان فرعي يشهد قطاع الحج تحولاً جذرياً نحو الرقمنة في إطار رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين تجربة الحجاج وتسهيل رحلتهم من خلال تبني…